علو الهمة

عظم الهمة  وحسن الأثر

إن من علت به همته عظم عمله وحسن أثره وارتفع قدره ومن قلت به همته نقصت منزلته وضعف عمله وأثره مهما كان له من مواهب وملكات ومهما حاز من قدرات .

وكم رأينا من أشخاص أذكياء أصحاب قدرات عظيمة ومواهب جليلة قد قعدت بهم همتهم عن تحصيل المعالي وأخلدوا إلى الأرض فشدتهم بثقلها وجواذبها

وكم رأينا مقابل هؤلاء أشخاصاً أصحاب قدرات متوسطة وملكات ومواهب ليست متميزة لكنهم بهمتهم العالية تجاوزوا نقصهم وأصبحت لهم آثار نافعة واعمال جليلة .

على قدر أهل العزم تأتي العزائم         وتأتي على قدر الكرام المكارم

وتعظم في عين الصغير الصغائر          وتصغر في عين العظيم العظائم

والأنبياء والرسل كلهم أصحاب همة عالية وعمل دؤوب وكل من اقتفى أثرهم راغباً اللحاق بهم كان من أهل الهمم العالية .

نجوم مضيئة ...

وإليك مثالاً من حياة الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه  تجلت فيه الهمة العالية  والآثار الجليلة له ،

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: يقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث، والله الموعد، ويقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل أحاديثه؟ وإنَّ إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وإن إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكينًا، ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقال النبي صلى الله عليه وسلم يومًا: ((لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه، ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئًا أبدًا. فبسطت نمرة ليس علي ثوب غيرها، حتى قضى النبي صلى الله عليه وسلم مقالته، ثم جمعتها إلى صدري، فوالذي بعثه بالحق، ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا، والله لولا آيتان في كتاب الله، ما حدَّثتكم شيئًا أبدًا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى [البقرة: 159] إلى قوله الرَّحِيمُ [البقرة: 160]

 - عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار: هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير، فقال: واعجبًا لك يا ابن عباس! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم؟ قال: فتركت ذاك وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه يسفي الريح علي من التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء بك؟ هلا أرسلت إلي فآتيك؟ فأقول: لا، أنا أحقُّ أن آتيك، قال: فأسأله عن الحديث، فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألوني، فيقول: هذا الفتى كان أعقل مني (7).) 

 

بسالة هدهد ومثابرة نملة ..

في قصة سليمان عليه السلام  في سورة النمل ذكر الهدهد بالبسالة لأنه ضرب أروع مثال على الهمة في حمل الرسالة وتبليغها , ونجحت النملة المثابرة بطول المصابرة .

فلتكوني انتِ صاحبة همة تسابق إلى القمة  .. وستأتيكِ المعالي إن أتيتِ ..  فالمنازل غالية والأماني عالية وانتِ من أهلها .

ومن يتهيب صعود الجبال        يعش أبد الدهر بين الحفر

يقول مصطفى محمود : " قيمة الإنسان ما يضيفه للحياة منذ ميلاده وحتى وفاته "

قدوات قوية ..

لا بد لصاحب الهمة العالية لترك الأثر العظيم أن يكون هو القدوة الحسنة فالذين  تتناوشهم المطالب التافهة قد يعرضون عن مواصلة العمل فإن رأوا من يجد في ترك الأثر ولحظوا جدّه واجتهاده  ، رجعت إليهم نفوسهم وتجدد لهم نشاطهم

والقدوة الحسنة تكون للأفراد على صفة أفراد مثاليين ممتازين، وتكون للجماعات على صفة جماعات مثالية ممتازة... ووجه القرآن الكريم بصراحة تامة إلى القدوة الحسنة،

و أمرنا بالاقتداء بالنبي الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم فقال الله تعالى :

(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا  ) سورة الأحزاب  (21)

ففي هذه الآية إرشاد عظيم من الله تبارك وتعالى للمؤمنين أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لهم، يقتدون به، في أعماله، وأقواله، وأخلاقه، وكلِّ جزئيات سلوكه في الحياة.

 فهو خير قدوة يقتدي بها الأفراد العاديون، والأفراد الطامحون لبلوغ الكمال الانساني في السلوك .

والنفوس جبلت على اتباع من يعيش بينها ويرون عمله وجده واجتهاده .ويثقون فيمن يدعوهم للخير وكل راغب بترك الأثر النافع لا يمكن له هذا إلا بثبات راسخ شامخ على مبادئه وانضباط في فكره .

إذا وجد الإنسان للخير فرصةولم يغتنمها فهو لا شك عاجز

هل تصدق أن عجوزا جاوزت السبعين تتسلق أعلى القمم !

هل تصدق أن الكفيفة الصماء البكماء هيلين كيلر نالت شهادات دكتوراه وألفت عشرات الكتب !

إنك تملكين الكثير من القدرات فاستثمريها ولا تهمك البدايات المتواضعة ,فالعبرة دائما بكمال النهايات !

تذكري دائما..أن السعادة رحلة طويلة وليست محطة نصلها ونقف جامدين فيها .

يمكن القول أن السواد الأعظم من الناس أشخاص عاديون : لأن ذلك هو الوضع الذي لا يحتاج إلى أي جهد .

في حين أن التميز يحتاج إلى جهود خاصة واستثنائية فتوكل على الله واستعن به و لا تعجز.

مشاركة:

المشاركات : 4

  • هنادي محمد احمد شعلان

    صحيح التميز يحتاج الى جهود خاصة واستثنائية👍🏻.. ولابد لنا من استثمار قدراتنا لنصل لروعة النهايات واجملها..ولنكن اصحاب همم تتسابق للقمم. ولنجعل شعارنا ''همــة حتى القمــة'' والوصول الى النجاح ليس صعبا لكن المحافظة علبه هو الاصعب لذلك يجب ان تكون هممنامستمرة لاتقف عند العقبات.. متفانية بالعمل والمثابرة ومواصلة الجد والاجتهاد ولاتجعل للكسل طريقها.. ولنا في ذلك خير قدوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنكن نحن بهمتنا وعزمنا قدوة للغير ونترك ان شاءالله اروع الاثر🌱

  • هنادي محمد احمد شعلان

    رائع واكثر من راائع💜

  • رنيم عبدالرحيم محمود عبدالله

    التوكل على الله مفتاح الرزق ومفتاح الجنه حقا العبره في النهايات مقالك استاذه رائع جدا شكرا لك

  • الحسناء جهاد

    التوكل على الله في جميع الأحوال 🌸لا يصل الناس إلى حديقة النجاح دون أن يمروا بمحطات التعب، 😭والفشل، 😩واليأس،😖 وصاحب الإرادة القوية💪 لا يطيل الوقوف فـي هذه المحطات. 🌸الحياه مليئة بالحجارة فلا تتعثر بها،. بل اجمعها وابنِ بها سلماً تصعد به نحو النجاح والتميز الوصول إلى النجاح ليس صعباًبل يحتاج إلى الجد والاجتهاد.. . الحسناء جهاد 🌿❤️🌸

اكتب مشاركتك

سجل دخولك وضع مشاركتك تسجيل دخول
loader